مقدمة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أيد الله سبحانه وتعالى أنبياءه ، الذين أرسلهم لهداية البشرية
، وانتشالهم من مستنقع الضلالة والعمى ، بالمعجزات الخارقة
للعادة ، والخارجة عن المألوف ، وكانت هذه المعجزات تلائم
وتنسجم ، مع ما يشتهر به القوم أو يفخرون به ، ومع مسنوى تفكيرهم
ونضج عقولهم . فنوح عليه السلام أيده الله تعالى ، بأن مكنه
من صناعة سفينة ضخمة ، أنقذته هو وأهله من الطوفان العظيم
، الذي أغرق الكافرين ، أما هود عليه السلام ، نبي قوم عاد
الذين حسبوا عندما بنوا الحصون والقلاع ، أن لن يستطيع الله
هلاكهم ، فقد أيده الله عز وجل بالرياح الشديدة ، التي اقتلعت
قصورهم من جذورها ، وحطمت حصونهم وكأنها لم تكن ، أما النبي
صالح عليه السلام فقد أيده الله عز وجل ، بأن أخرج من صخرة
صلدة ، ناقة ضخمة ولودا ، وذلك بناء على طلب قومه ثمود ، وإبراهيم
الخليل عليه السلام ، جعل الله تعالى ، النار التي ألقاه فيها
قومه ، بردا وسلاما ، فلم تؤذه ولم يصبه أي مكروه ، ويوسف
عليه السلام ، الذي أيده الله عز وجل بالقدرة على تفسير وتأويل
الأحلام ، أما موسى عليه السلام ، فكان قومه مشهرون بالسحر
، فأيده الله عز وجل بالعصا التي تحولت عندما ألقاها أمام
قومه ، إلى ثعبان يسعى ويلتهم ثعابين الكفرة ، أما عيسى عليه
السلام فقد أيده الله عز وجل بمعجزات كثيرة ، ومنها أنه كان
يخلق من الطين الطير ، ويشفي الأعمى والأبرص ، ويحي الموتى
بإذن الله تعالى ، عندما أنزل على قومه من السماء مائدة عامرة
بأطيب الطعام والشراب .... أما رسول الله ، صلى الله عليه
وآله وسلم ، فقد كان قومه معرفون بفصاحتم وقوة بيانهم ، فهم
قوم بلاغة وفصاحة ، وقوم شعر وأدب ، حتى قيل بأن الشعر ديوان
العرب ، ولا تكاد قبيلة من القبائل العربية تخلو من شاعر مجيد
، أو خطيب مفوه ، ولذلك أيده الله عز وجل بمعجزات ، وقف أمامها
الناس حائرين ، فهم قد سمعوا كلاما لم يسمعوا مثله قط ، ورأوا
من الآيات والبراهين ، ما عجزت عقولهم عن تصورها ، ومعجزات
رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم تنقسم إلى قسمين ، معجزات
معنوية ، ومعجزات حسية
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المعجزات المعنوية
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أعظم المعجزات إطلاقا ، معجزة إنزال القرآن الكريم على رسول
الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ن فهو أبهر الآيات ، وأبين
الحجج الواضحات ن لما اشتمل عليه من التركيب المعجز ، الذي
تحدى به الله عز وجل الإنس والجن أن يأتوا بمثله فعجزوا عن
ذلك ، على الرغم من فصاحة العرب وبلاغتهم ، ثم تحداهم بعشر
سور منه فعجزوا ، ثم تحداهم بسورة واحدة من مثله ، فعجزوا
، وهم يعملون عجزهم وتقصيرهم ، وأن هذا مالا سبيل لأحد إليه
أبدا ، فلن يستطيع أحد على وجه الأرض أن يأتي ولو بآية واحدة
من مثله قال الله تعالى
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن
يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض
ظهيرا (1) . صدق الله العظيم 2
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وزعم الكافرون كما يزعم كثير من أعداء الإسلام اليوم ، أن
القرآن الكريم هو من ابتداع رسول الله ، صلى الله عليه وآله
وسلم ، وهو من البشر وهم أيضا من البشر ، فإن كنتم أيها الكافرون
، واثقين مما تقولون فأتوا بحديث من مثله . يقول الله عز وجل
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون . فليأتوا
بحديث مثله إن كانوا صادقين 6
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
فالقرآن الكريم ، أوحى به الله عز وجل عن طريق جبريل عليه
السلام إلى النبي العربي الأمي ، الذي كان لا يحسن الكتابة
، ولا يعلم شيئا عن أخبار الماضي فقص الله تعالى عليه خبر
ما كان ، وما هو كائن ، وأني لرسول الله ، صلى الله عليه وآله
وسلم أن يعرف ما كان قبل مئات بل آلاف السنين ؟ يقول الله
تعالى
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما
كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين
7
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ففي هذا القرآن العظيم من الأخبار الصادقة عن الله وملائكته
وعرشه ومخلوقاته العلوية والسفلية كالسماوات والأرضين وما
بينهما ، وعن حوادث علمية كثيرة أثبتها العلم الحديث ، ما
يبرهن على أن هذا القرآن من كلام الله عز وجل . يقول الله
عز وجل
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من
كل مثل لعلهم يتذكرون . قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون
8
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ولعل وصف رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، للقرآن الكريم
، يغني عن كل وصف . يقول عليه الصلاة والسلام : (( كتاب الله
فيه نبأ من قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم هو الفصل
ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى
في غيره أضله الله ، هو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم
، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ {9} به الأهواء
، ولا تلتبس به الألسنة ن ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق {1.}
على كثرة الرد ، ولا تنقضي {11} عجائبه ، وهو الذي لم تنته
الجن إذ سمعته حتى قالوا : ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى
الرشد فآمنا به ... ) من قال به صدق ومن عمل به أجر {12} ،
ومن حكم به عدل ن ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم )) {13}
. ونخلص من ذلك إلى أن القرآن الكريم هو : كلام الله المعجز
المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين ، بوساطة الأمين جبريل
عليه السلام ن المكتوب في المصحف ، والمنقول إلينا بالتواتر
، المتعبد بتلاوته ، المبدوء بسورة الفاتحة ، المختتم بسورة
الناس . وهكذا فالقرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي تتحدى
الأجيال والأجيال والأمم على مر الأيام والزمان . وسيرة رسول
الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وأخلاقه وأقواله وأفعاله
من معجزاته ودلائل نبوته ن فإنه عليه الصلاة والسلام كان من
أشرف أهل الأرض نسبا ، فهو من سلالة إبراهيم عليه السلام الذي
جعل الله في ذريته النبوة والكتاب ودعا إبراهيم لذرية ولده
إسماعيل بأن يبعث الله فيهم رسولا منهم ، والرسول ، صلى الله
عليه وآله وسلم من قريش صفوة بني إبراهيم ، ومن بني هاشم صفوة
قريش ، ومن مكة أم القرى ، وبلد البيت الذي بناه إبراهيم ،
وحج إليه الناس وما يزالون ، والرسول ، صلى الله عليه وآله
وسلم من أكمل الناس تربية ونشأة ، لم يزل معروفا بالصدق والبر
، ومكارم الأخلاق ، والعدل ، وترك الفواحش والظلم ، مشهودا
له بذلك عند جميع من يعرفه قبل النبوة ، ومشهودا له بذلك عند
جميع من آمن به ومن كفر بعد النبوة ، لا يعرف له شيء يعاب
به ، لا في أقواله ، ولا في أفعاله ، ولا في أخلاقه . وهو
إلى جانب ذلك ، كان حسن الصورة والخلق ، وكان أميا من قوم
أميين ، لا يعرف هو ولا قومه ما يعرفه أهل الكتاب من التوراة
والإنجيل ، وعندما بلغ الأربعين من عمره ، أتى بأمر هو أعجب
الأمور وأعظمها ، وبكلام لم يسمع الأولون والآخرون نظيرا {14}
له ، ثم أتبعه ، أتباع الأنبياء ، وهم ضعفاء الناس ، وكذبه
أهل الزعامة والرياسة وسعوا في هلاكه وهلاك من أتبعه ، والذين
اتبعوه ، لم يتبعوه لرغبة أو رهبة ، فإنه صلى الله عليه وآله
وسلم لم يكن غنيا ولم يطلبه ، ولم يكن ظالما ذا سطوة ، وإنما
ذاقت قلوبهم حلاوة الإيمان ، فصبروا على الأذى كما صبر معهم
رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى أن اجتمع بأهل
يثرب ، فآمنوا به وبايعوه على هجرته وهجرة أصحابه إلى بلدهم
، وعلى الجهاد معه ضد المشركين ،حتى ظهرت الدعوة في جميع أرض
العرب ، التي كانت مملوءة بالأوثان ، ومعروفة بسفك الدماء
المحرمة ، وقطيعة الأرحام {15} ، لا يعرفون آخره ولا بعثا
، فصاروا في ظل راية الإسلام ، أعلم أهل الأرض وأعدلهم وأفضلهم
، ومات رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
كل نفس ذائقة الموت 16
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مات ولم يخلف درهما واحدا ولا شاة ولا بعيرا ، إلا بغلته
وسلاحه ودرعه . مرهونة عند يهودي على ثلاثين وسقا {17} من
شعير ، اشتراها لأهله طعاما لهم ، وهو إلى جانب ذلك ، يخبر
قومه بما كان وبما يكون ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر
، يحل لهم الطيبات ، ويحرم عليهم الخبائث ، ويكمل الشريعة
شيئا بعد شيء حتى أكمل الله تعالى دينه الذي بعث به
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا 18
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Total Projects of 2023
قبل 10 أشهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق